" الهوية السياسية للبحرين إبان القرن السادس عشر"

د . بشير زين العابدين

تختزل بعض المصنفات المعاصرة تاريخ البحرين في الحديث عن خضوعها لمختلف القوى الاستعمارية منذ مطلع القرن السادس عشر وحتى سبعينيات القرن العشرين، وقد أوقع هذا النمط من السرد التاريخي العديد من المؤرخين في جملة أخطاء من أبرزها؛ تصوير البحرين وكأنها كيان لا إرادة له، فلا يكاد ينعتق من تسلط قوة استعمارية حتى يقع تحت نير سلطة استعمارية أخرى . وتعمد هذه النظرة القاصرة إلى إهمال دور أهل البحرين عبر مختلف العصور، والتغافل عن مقاومة قادتهم للأطماع الإقليمية والدولية، مما يفوت على البحث العلمي فرصًا مهمة لدراسة نظم الحكم والإدارة المحلية للبحرين في مطلع العصور الحديثة .
وفي الوجهة المقابلة قام بعض المؤرخين بدراسة الأوضاع السائدة في البحرين إبان القرن السادس عشر،وخرجوا بنتائج حاسمة تؤكد عدم خضوع البحرين لأي قوة إقليمية أو دولية؛ ففي الوقت الذي فشل فيه العثمانيون من السيطرة على هرمز، لم ينجح البرتغاليون في بسط سيطرتهم على سواحل الأحساء،وكنتيجة حتمية لعجز أي من هاتين القوتين عن حسم الصراع، فقد حافظت البحرين على استقلالهاوأصبحت تمثل الحد الفاصل بين هذه القوى المتنازعة . وحيث إن البحرين كانت تمتلك هوية سياسية مستقلة بذاتها، ولم تكن تخضع لأي احتلال أجنبي في تلك الفترة؛ فإنه يمكن استهلال الحديث عن أهم ملامح هذه الهوية من خلال استعراض حكام البحرين في القرن السادس عشر، وذلك على النحو الآني :
1 - أجود بن زامل بن جبر العقيلي ( 1470-1506 )
تولى أجود بن زامل حكم البحرين سنة 1470 ، ويعد من أعظم حكام الجبور؛ إذ بلغت الدولة في عهده مكانة كبيرة، واتسع نفوذها ليشمل الأحساء والقطيف والبحرين وأجزاء من نجد وعمان . وتشير المصادرإلى امتلاك الشيخ أجود لأسطول بحري كبير كان يستخدمه في التجارة وفي المعارك الحربية على حد سواء . وعندما توفي حاكم هرمز؛ فخر الدين تورانشاه سنة 1477 ، استنجد ابنه سلغور بأجود بن زامل لنصرته على إخوته ومساعدته في تولي الحكم، فتقدم أجود بقواته إلى هرمز ونجح في تثبيت سلغور حاكمًا عليها، وتمتع نظير ذلك بسلطة واسعة في أرجاء الخليج العربي وسواحله الغربية .
2 - محمد بن أجود ( 1506-1511)
تولى محمد بن أجود حكم البحرين عقب وفاة والده سنة 1506 ، وفي العام نفسه استنجد به حاكم مكة المكرمة -الشريف بركات - لإخماد الفوضى والاضطرابات التي أثارها البدو في جدة، وكان حكم الأشراف قد ضعف بسبب خلافاتهم على إمارة جدة ومكة مما دفع بالبدو للإغارة على المدينتين، فسار إليه محمد بن أجود في خمسين ألفاً، فوافاه في 17 ذي الحجة سنة 912هـ ولكن قوات من مماليك مصر كانت قد سبقتهم في إخماد الفتنة، فدخل محمد بن أجود مع جيشه مكة المكرمة وطافوا بالبيت معتمرين.
3 - مقرن بن زامل بن أجود ( 1511-1521)
بعد وفاة محمد بن أجود، تولى ابن أخيه مقرن بن زامل بن أجود، وفي هذه الأثناء رغب وزير هرمز خوجه عطار في إحكام سيطرته على البحرين، فشن حملة عليها سنة 1511 ، إلا أن الجبور هاجموا هرمز من جهة عمان، فاضطر خوجه عطار إلى الانسحاب دون تحقيق رغبته، ثم تحركت قوات برتغالية - هرمزية مشتركة عام 1521 فهاجمت البحرين وهزمت قوات الجبور، وقتل مقرن بن زامل في تلك المعركة .
4 - الشيخ حسين بن سعيد الجبري ( 1521-1529)
قامت قوات الجبور بانسحاب تكتيكي إلى القطيف عقب مقتل الأمير مقرن في يوليو 1521 ، وكان الهدف من ذلك الانسحاب هو إعادة تنظيم صفوف المقاتلين وانتظار الفرصة المواتية لاسترجاع حكمهم في البحرين، ولم يطل بهم الانتظار، ففي نوفمبر 1521 انفجر الصراع بين الهرمزيين والبرتغاليين، فسارع الجبور إلى استغلال ذلك الصراع، وتحالفوا مع البرتغاليين لبسط نفوذهم على صحار وتوطيد حكمهم في القطيف، نظير اعترافهم بالسلطة البرتغالية في تلك المناطق، وقد تحدثت بعض المصادر عن استعادة الجبور سيطرتهم على البحرين بزعامة حسين بن سعيد، الذي استمر حكمه طوال الفترة الممتدة ما بين نوفمبر 1521 وحتى مطلع سنة 1529


أنتهى المقال

تعليق: الجبور ابناء جبر العقيلي ( قبيلة بني عقيل ) قام بتأسيس دولتهم سيف بن زامل بن جبر العقيلي وبناء قرية المنيزلة التي كانت محل حكم الجبور وبها آثار قصورهم ثم يأتي اخوه اجود بن زامل بن جبر العقيلي ويتوالى بعد ذلك سلاطين الجبور على اقليم البحرين نسبة الى جدهم جبر العقيلي وبعد ان تنتهي دولتهم في اقليم البحرين وبعد مرور السنين يتفرق بعضهم في عمل البحر ويشكل بعضهم الآخر بوادي منتشرة في اقليم البحرين ومع ظهور الخوالد كقوة في المنطقة الشرقية ينظم لهم المتبقيين من قبيلة بني عقيل وبقية قبائل الشرقية ليكونوا حلفا واحدا قويا تزعمة الخوالد ..... الخ. من الجبور ينحدر آل منصور ولعلهم النصور ( ابناء منصور بن خالد بن مهنا الجبري ) الذين حكموا بعض مناطق الساحل الشرقي من الخليج وسبب التجاء آل منصور الى الساحل هو انتهاء دولة سلاطين الجبور في العام 1530 وضعف سلطتهم على المنطقة بسبب الهمينة البرتغالية.

الخلاصة: ان قبيلة بني عقيل من القبائل العربية القديمة في اقليم البحرين ولا تنحدر من الخوالد وليس للخوالد شأن بها او علاقة نسب سوى التحالف معهم لمواجهة التحديات في زمن من الأزمان فبني عقيل شئ وبني خالد شئ آخر وأن تحالفوا في زمن من الأزمان فهذا لا يعني الغائهم وادراجهم تحت بني خالد اضافة على ان الخوالد ظهروا في المنطقة الشرقية بعد تحركهم من قلب شبه الجزيرة بعد انتهاء الحكم البرتغالي للمنطقة.